الأربعاء، 9 ديسمبر 2009

بيان الحقيقة الآخرى

بيان

الحركة الإسلامية بين العهر والكذب

والحقيقة الآخرى
"… مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم. رفعت الأقلام وجفت الصحف وحصل ما في الصدور، هكذا يمكننا القول والتلميح إلى صراع الهوية والفكر والسياسة في تركيا ومن يحق أو لا يحق له أن يمارس السياسة والسلطة والحياة العامة. لقد انتهت اللعبة، الديمقراطية في تركيا انتصرت حتى الآن على الأقل، انتهت اللعبة، من يختاره الشعب هو القائد وليس من تسمح له محاكم التفتيش أو النابشون في قبور النوايا، انتهت اللعبة، الحداثة هي التحديث في الواقع بالواقع وليس بما كان واقعا قبل سنوات وعقود فتلك حداثة مغشوشة إن تجمدت عند شعارات بالية ولغة قديمة فليس اللباس مقياس الحداثة وليس الدين هو لا حداثة ولربما هو العكس، على الأقل تركيا اليوم نموذج ناطق، انتهت اللعبة، السيد عبد الله غول هو رئيس الجمهورية في تركيا ورئيس الدولة باعتداله وانفتاحه ومرونته وأيضا بثوابته وخياراتها وتاريخه، من كان يصدق ولا زال يصدق كثر وأكثر من لا يصدق بنكهة عناد وهم قلة وأقل، انتهت اللعبة. نحن مع الرئيس عبد الله غول في مكتبه الخاص بقصر شانكاياه في أنقرة لنقول له سيدي الرئيس انتهت اللعبة بمعنى أنكم أنهيتم زمن الإقصاء والعزل والتهميش فاسمحوا لنا أن نبدأ معكم لعبة إعلامية جميلة اسمها حوار صحفي فتركيا الآن باتت حديث الناس والعالم وخصوصا في منطقتنا العربية والإسلامية لتطوراتها ودورها ونشاطها وحركتها اللافتة، نريد أن نفهم سر الانطلاقة التركية المثيرة في الداخل ومع الخارج، وبعض المواقف من حال الأمة في العراق وفلسطين والقدس ومع سوريا وإيران وطبعا ماذا تريد تركيا أن تحققه تحديدا ولا ننسى أين هي أميركا وخصوصا ما يشار إليه أيضا من العلاقة المتوترة الجديدة بين تركيا وإسرائيل، مرحبا بكم سيدي الرئيس...."

هذه الكلمات افتتح فيها الصحفي الموهوب غسان بن جدو لقاءه مع مؤسس حزب العدالة والتنمية الإسلامي ورئيس الجمهورية التركية. وهي كلمات تلخص حصيلة التجربة التركية وصراعها بين الثنائيات التي فرضت علينا فرض. بين الديمقراطية والشورى، وبين العلمانية والإسلامية، وبين الهوية والحرية، وبين الإسلام والسياسة، وبين الأصالة والحداثة.
لقد حسمت تركيا أمرها..
إخترت عدم اعلان بيان للرد على البيانات.. فما من بيان آخر إلا ويزيد الطين بلة.. وما من بيان إلا ويتحرك على محور العهر-الكذب.. بين حقد عميق وكره دفين.. بين انتكاسٍ نحو الوثن والصنم وبين انغماسٍ في الشخص والقِدم.. بين نفسٍ مريضة وآخرى عجوزة.. وبقدر ما في الصدور فالحديث يطول.... وحين لا تتناهى المعاني تتناهى العبارات..
بل اخترت أن ألفت النظر إلى من يتفاعلون مع القضايا الكبرى ليحققوا الانجازات العظيمة! وحين تصغر العقول لا تنجز الأمور... فإليكم عناوين الأمور:
صراع الهوية والفكر هي المدخل!
قلت لقد حسمت تركيا أمرها..
لقد حسمت مسألة هويتها الحضارية والثقافية.. لقد عادت إلى أحضان الشرق المؤمن( نسأل الله أن يكون مؤمناً).. وما فعلت ذلك إلا بعد أن حسم قادتها أمرهم في السير نحو الانجازات العظيمة.. لقد حسم حزب العدالة والتنمية علاقاته الفكرية والتنظيمية مع الجيل القديم المؤسس.. لقد خرج من ثوب الشيخ ليلج عالم القائد.. من فكر الشخص إلى شخص الفكر.. من فكرة الشيخ إلى فكرة الفكر. هكذا تحررت الهوية التركية من عباءة الشيخ أربكان.. من اختزال الإسلام والسياسة في موروثات بالية وعلاقات شخصية، وهيبة وهميّة مخادعة. هذا الصراع بين انتماء لماض بالٍ ميت.. كما يصفها أستاذنا المرحوم "بالأفكار الميتة".. وبين انتماء لحاضرٍ واعٍ ومستقبلٍ مشرقٍ وهوية متجذرة في الفكر والعمق والواقع.. هذا الصراع بين واقع ميت وبين واقع حيّ..
لقد حسمت تركيا أمرها.. فاختارت الهوية والفكر لتدخل العالم والتاريخ كما خرج ويخرج منه آخرون
لقد انتهت اللعبة
لقد أنهت تركيا اللعبة وحسمتها في بداية الألفية الثالثة الميلادية... لقد حسمت أمرها وشاركت في اللعبة وبأدواتها وسلاحها الهوية والفكر.. بينما تسلح آخرون باللسان واللعاب! عندما اكتسح شيخهم قبلهم بأعوام البرلمان تركي.. لم يستحضر معه إلا اللسان ومنابر الغوغاء ... فما لبث أن تقهقر تحت ضربات العسكر وألقي في غيابات السياسة.. وإن كانت مجرد مداعبة.. بعكس مريديه المتمردين، الخارجين من عباءته، حين تعرضوا لأشد المؤامرات الأتاتوركية كراهية ومكراً .. ولكنّ سلاحهم بعكسه، سيوفهم المجردة من أغماد الفكر والهوية والسياسة!! وهنا الفارق يكمن.. وهنا حُسمت اللعبة... وانتهت
حسمت تركيا أمرها.. وحسمت اللعبة الكبرى.. وما زلنا نحن لاعبين صغار
النابشون في قبور النوايا
حسمت تركيا أمرها.. وقررت خروجها من عقدنا النفسية التي أثقلت كاهلنا منذ قرون.. قررت ان تطهر صفحتها من نفسية الحقد والشك والظن.. وتجلب نفسية المنتصر والواثق بقدراته في مواجهة المكر الأتاتوركي المتربص للحرية والإيمان والعمل والفكر والهوية والتقدم.. وفي مواجهة نفسية مثقلة بماضٍ مهترء ومهزوم ومنغلق وشخصيّ وأنانيّ، متلبسٍ بلباس التقوى والورع والكلمات... وفي أقرب مكاشفة صوفيّة مُسكرةٍ، ينفث سُمومَه المتجذرة في أعماق صدور.. اسودت من الغُلّ.. من شدة ما نبشت في قبور النوايا...
لقد حسمت تركيا أمرها.. وتركت النوايا لباريها.. ونبذت علاقاتها المهترءة مع الأعراب والعرب، والفرس والأرمن، والروس والكرد، والأذر والغرب... وبحثت عن عمقها النفسي .. عن عمقها الاستراتيجي.. عن عمقها التاريخي... عن دورها العميق.. منذ الفاتح وسليمان.. منذ البدء
الحداثة هي التحديث في الواقع بالواقع
حسم الترك أمرهم... لا حداثة بلا أصالة ولا أصالة بلا حداثة..
حسموا أمرهم وتركوا من خلفهم عقد الخوف من مواجهة الحداثة والتقدم والتطور والتنمية.. ولكنّهم أبداً لم يتنكروا لأصولهم العقدية في العدل والعدالة... هي أصالة متجذرة في هويتهم.. ألم يلقب سيدهم وخادمهم منذ قرون "بالقانونيّ" ؟! .. لقد تغنينا بسليمان وعدل عمر أكثر منهم وقبلهم بعد سلخهم قهراً عن هويتهم وعمقهم .. ولكنّهم استحضروهم من عمق التاريخ في فكرهم وهويتهم وسياستهم واستراتيجيتهم.. ونحن ما زلنا نغني ونرقص.. نغني على فقرنا ونرقص على جراحنا.. فقرنا الفكري وجراحنا النفسية.. وفي كل سهرة نسكر حتى الصباح.. ونعظ الناس حتى المساء.. فلا واقع بل خداع!! ولا إصلاح بل صراخ!! ولا بيان بل كلام !! ولا برهان بل غثيان !! ولا قرآن...
حسم شعب أردوغان أمرهم .. وزعيمهم "الفتى الشجاع"
("أر" تعني القوي أو الشجاع، و"دوغان" تعني الطفل).
فإذا كان طفل من حسم للترك أمرهم.. فأين قزم العُرب من فتى التُرك؟!
سرالانطلاقة
حَسْمُهُم أمرَهم.. بنبذ العهر والكذب.. بل حتى الكلام فيهما.. وما زلنا نحن نراقص اللسان !.
حسمهم أمرهم.. بنبذ صغائر الأمور.. بل حتى التفكير فيها.. وما زلنا نحن نتقن الغناء
حسمهم أمرهم.. بنبذ عفوية القادة .. بل حتى الحلم عنها..وما زلنا نحن لا ندرك التخطيط
حسمهم أمرهم.. بنبذ العقد الدفينة.. بل حتى الشعور فيها.. وما زلنا نحن نخبأ الكثير
حسموا أمرهم.. وما زلنا نحن لا نحسن التدبير... فحسبنا الله ونعم الوكيل
من وحي الواقع سطرت كلماتي:
أسامة عباس بيت المقدس
9-12-2009

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

أروع وأفيد ما قرأت في كتاباتك, بل أن مقالتك أفضل من كثير من مقالات السياسيين والكتاب والمفكرين

جزاك الله عن أمة الإسلام كل الخير

وعافانا الله من العهر والكذب