الجمعة، 26 يونيو 2009

الحرب الألكترونية على إيران ! ! !

النفاق الغربي دائماً ما عودنا التفنن في طرائق الدعاية والتحريض على الأنظمة الممانعة لسياساته ومخططاته في العالم العربي والإسلامي... وهذا هو "جوجل" يسخر قدراته الألكترونية بعد مطالبة جهات سياسية في دول غربية لتغطية الأحداث الجارية في إيران. ولكنّ هذا "القلق على حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية" لم يسخر امكانياته الألكترونية والعلمية لتصوير ونقل وحشية الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة.. ولم يقف مع حقوق الإنسان في افغانستان والشيشان .. وهمجية النظام التونسي!!
عندما تفعل جوجل محركاتها وامكانياتها وتزيد من مستوى تقنياتها من أجل تكثيف تغطية الأحداث في إيران... ويطلب بعض صناع القرار في الغرب من غوغل وشركات الكترونية لتأجيل صياناتها لاتاحة الفرصة لما يسمى بالمعارضة الإيرانية من تحميل الأفلام والصور ونقل "حقيقة اضطهاد المتظاهرين من قبل مليشيات النظام" ... فأبداً لن أكون ساذج واتجاهل هذه الحقائق... ولكننا للأسف ننسى أو نتناسى من دلائل الماضي وتجاربنا مع أنظمة الغرب.. لأننا لا نتجاوز في تحليلنا وفهمنا للاحداث من النظرة الذرية الأحادية للحدث، ونزع الأحداث من سياقاتها السياسية والاستراتيجية...
ألم تسقط المخابرات البريطانية والأمريكية نظام مصدق، في إيران ذاتها خلال خمسينيات القرن الماضي.. لأنّه حاول إصلاح الاقتصاد والسياسة الإيرانية وتأميم الثروات الإيرانية.. وأعادت ألة التدخل الغربية رضا شاه بهلوي الموالي للغرب، الأمبراطور الدكتاتور ولكنه وافق مصالح الغرب النفطية والاقتصادية. فما المانع أن تسخر الدول الغربية اليوم امكانياتها الألكترونية بالإضافة إلى امكانياتها الاستخباراتية لتفكيك النظام الإيراني.
هل تغير الغرب.. هل اصبح أكثر ديمقراطياً.. ومحباً لحرية الشعب الإيراني.. وشفقة على اضطهاد الإصلاحيين؟!! هل تأخرت إلى الآن دموع التماسيح التي تنهمر اليوم من عيون رجالات الساسة والإعلام الغربيين!!
نعم للتبصر لا لنظرية المؤامرة

الاثنين، 22 يونيو 2009

شماتة العرب دليلُ عجزهم ! ! !

مستقبل الأزمة الإيرانية
بقلم:- أسامة عباس
إنّ مما يغيض في هذه الأيام بُعيد ظهور نتائج الإنتخابات الإيرانية وعلى أثر الاحتجاجات العنيفة من قبل شريحة من المجتمع الإيراني.. ليس تورط بعض الشخصيات الإيرانية في مغامرة خطيرة ضد النظام الأيراني الثوري والمصالح الإيرانية - على الأقل في مستواها الإعلامي والمعنوي- وليس قناعتنا بوجود خيوط خفية تحرك الشارع الإيراني من الداخل والخارج بوعي أو دون وعي لتشكك المتابع في مستقبل إيران.
ولا يغيضني أنغلاق المؤسسة الإيرانية الرسمية أمام أمواج التغيير الداخلي وضرورته.. وعجز عقلية المحافظ على استيعاب المعارضة الإصلاحية، ممّا ينعكس على نظام الجمهورية الإسلامية ورغبته بالمحافظة على إرث الثورة الخمينية مثل مبدأ ولاية الفقيه، والذي يثير حوله جدلاً في أوساط فقهاء الشيعة والسياسة في أيران.

ولكن ممّا يغيض المرء ويستفزه، هي عقلية التّصيُّد التي تسود أوساط مثقفين وصناع القرار العربي.. بغرض تبرير عدائهم المحكم للنظام الإيراني الثوري، نظام طالما أحرجهم على المستوى الإقتصادي والسياسي والدولي. ولا يعلم هؤلاء أنّ تربصهم هذا للنظام الإيراني يجعل منهم مجرد مارّون أشقياء في التاريخ الفارسي عبر آلاف السنين.. وهوامش في التاريخ الإسلامي وسيروراته السياسية.. ممّ يجعلهم حالياً في موقف حرج مهمّا تقلبت الأوضاع السياسية الإيرانية.
فإمّا أن يمر النظام الإيراني متجاوزاً لهذه الأزمة.. ويخرج منها أشد قوة ومتانة، وتحصيناً للمناعة الذاتية التي لا تسمح للمغامرات الداخلية ولا للمؤمرات الخارجية من تحييد التورة عن مبادئها الأساسية ونظامها السياسي.
وإمّا أنّ يحدث تغيير سياسي في النظام الإيراني باتجاه الانفتاح الداخلي واستيعاب الاجتهدات السياسية والفقهية المتباينة حتى تلك التي تمس مبادئ ومسلمات كرستها الثورة الإيرانية منذ عام 1978.
فإذا تجاوز النظام الإيراني أزمته الحالية فسينقلب المتربصون على أعقابهم.. بعد أن غرتهم الأماني في إنهيار النظام وتبديل قبلة إيران المقاوِمة والممانِعة لتولّ وجهها نحو واشنطن.. استعادةً "لمجد" إيران الشاه قبل الثورة الخمينية.. تمشياً مع قبلة المُعدّلون العرب... فلا شك أنّ نظاماً شبيه بنظام رضا شاه بهلوي يتوافق مع مصالح الأنظمة العربية المعتدلة ومع ليبراليين عرب تتوافق مصالحهم السياسية والثقافية مع هذه الأنظمة.
وإذا تطورت الأوضاع الإيرانية نحو تبديل النظام بنظام أكثر انفتاحاً وتقبلاً للمعارضة – أو حتى ثورة مضادة تنفي النظام الإسلامي والولي الفقيه -.. فإنّ هذا التطور الذاتي حجة على العرب وفضحاً لعجزهم عن تطوير نظمهم السياسية والثقافية.. وتعويلهم على تغيير الآخرين في تحسين ظروفهم وواقعهم.. تغييراً يطمأنهم على أحوالهم ومصالحهم، ويكريس تخلفهم وشعورهم بالدونية مقارنة بإخوانهم الفرس والترك الذين تجاوزوا سلبيتهم السياسية وسباتهم التاريخي.. وتبديداً لشعورهم- أي العرب- الوهمي بتهديدٍ فارسيٍّ يتربص بهم لتحويلهم عن ثقافتهم الأعرابية.
ففي كلتا الحالتين سيبقى هؤلاء على هوامش التاريخ والتطورات السياسية التي تمر بها الأمم والدول. أمّا التغيير الإيراني حيت كان فإنه لا ينفك عن تطوير النظام الإيراني ومصالح "الفرس" الثقافية والاقتصادية والسياسية.
ثقافياً، أثبتت التجربة الإيرانية أنّ الشعب الإيراني يمتلك من الحصانة والعمق الثقافي ممّا يؤهله لولوج التغيير السياسي بكل مستوياته دون التخلي عن إرثه وهويته العقائدية وحضارته الممتدة إلى ما قبل الإسلام.
إقتصادياً، بعد الإنجازات الإقتصادية التي حققتها الثورة واستقلال الإقتصاد الإيراني وتحريره من الهيمنة البريطانية والأمريكية في ظل نظام الشاه الاستبدادي.. وتأميم الثروات الطبيعية لمصلحة الشعب والدولة.. فمن البديهي أن لا يتنازل أي نظام إيراني مستقبلاً عن هذا الإرث الفارسي.
سياسياً، إنّ أي نظام إيراني بعد الثورة الخمينية، لن يعود ليختزل إيران ومصالحها في حدودها الجغرافية. فنحن نعلم أن الأمم الحيّة والتي تسعى لتطوير أمكانياتها البشرية والمادية والدفاع عن مصالحها السياسية لا تعتبر الجغرافيا إلا خط دفاع متأخر عن وجودها ومستقبلها.. وأما حدودها السياسية والاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية فتتجاوز جغرافيتها، بل تتسع باتساع الكون الرحيب وليس عبثاً أنّ إيران بدأت تتطلق صورايخها وأقمارها للفضاء، لتدخل حلبة التنافس الدولي.
الحرب الفارسية اليونانية (سبارطة)
بهذه الانجازات ولهذه الأسباب .. فإنّ أيران مهما تبدلت قياداتها ونظمها .. ستبقى على الخارطة الدولية. وأمّا الليبراليون الأعراب والمُعدلون من العرب.. فلن يذكرهم التاريخ إلا في حواشي الكتب والمخطوطات البالية.
عاشت الثورة.. وعاشت الأمم
أسامة عباس
القدس
22 \ 6 \ 2009-06-22

الثلاثاء، 16 يونيو 2009

أوباما: بين توزيع الابتسامات وتغيير الاستراتيجيات

الاستيطان والقدس نموذج
بقلم:- أسامة عباس
وأنا واقف أراقب القدس من مطلة جبل المكبر ("قلعة المندوب السامي") وإذ بشاب يهودي يسألني بحرقة بعد طرح "الشالوم" عليّ : هل هذه مطلة المندوب السامي؟ وأين هي "مدينة داوود"؟.. فأجبته بلهفة مستغرقٍ بالتأمل منذ ساعة: نعم هذه كلها –مشيراً شرقا وغرباً- مُتَنَزّهة "أرمون هنتسيب" !! وهناك قرب سور البلدة القديمة الجنوبي، قِبَل المسجد الأقصى المبارك يقع حيّ السلوان وفيه تقع ما تسمى "مدينة داوود" – وأردفت معقباً – برغم أنّ تسميك يا هذا!! لهذا الموقع بهذه التسمية لا يمِتُ للعلم ولا للبحث التاريخي و"الأرخولوجيا" بصلة.." فعاد الشاب وصاحبته للخلف بنظرة استغراب أو شعور بجهل متخفياً بابتسامة ، مكتفياً منّي بمعلومة جغرافية وملحوظة علميّة وموقف سياسيّ !.

ولعل هذا الموقف مثالٌ صغيرٌ لتشابك الجغرافيا والعلم والسياسة في الصراع على القدس وتحديد هويتها وانتماءها. وهل هذا التشبيك المعقد وفرض جغرافيّة الاحتلال من جدار فاصل واستيطان مكثف وسياسة موجهة منذ عقود- للهيمنة على هوية القدس وتشويه انتماءها واستغراب أهلها فيها.. أهذا واقع منكوب تمحيه ابتسامات وغزل من سيد البيت الأبيض .. في خطابه الأخير من القاهرة "للعالم الإسلامي" !! أمّ أنّ القدس "بحاجة" لتغيير استراتيجيات كبرى للإدارة الأمريكية ؟!!
وإن كنّا لا نعول بتاتاً -قديماً أو حديثاً- على تغيير استراتيجي في ظل غيابٍ وسباتٍ عربيٍ إسلاميٍ!! ولو أنّ الأمر، لا يمنعنا من مراجعة هذه الابتسامات والاستراتيجيات في جوٍ جديد من الغزل والغزل المضاد والاعلام الموجه (ذاتياً وخارجياً) والاستلاب السياسي المستديم أو الجديد القديم!
وخطاب نتن ياهو بالأمس (14.6.2009) وإصراره على وحدة القدس الأبدية، لم يأتي من فراغ!! وأقولها بكل ثقة وواقعية: إنّ القدس اليوم غير قابلة للتقسيم ليس فقط نظرياً بل عملياً. والسياسة الإسرائيلية مدركة لهذه الحقيقة التي صنعتها.. وقد فرضت هذا الأمر الواقع منذ احتلال القدس .. وفي كل لحظة تتكرس هذه الحقيقة عبر مخططات الاستيطان في القدس وضواحيها ومحيطها الاستراتيجي أمنياً كان أم سياسياً أم دينياً أم إقتصادياً ...

شرقاً.. بعد بناء مستعمرة "معالي أدوميم" صادق في حينها اسحاق رابين على مخطط لوصلها مع مدينة القدس.. وخصص الأراضي المطلوبة لذلك! للمباشرة في بناء مستوطنة "مفسيرت أدوميم"، التي تقطّع أوصال الوجود الفلسطيني مقدسياً أو بالتواصل الجغرافي والإجتماعي والإقتصادي والسياسي مع باقي مدن وقرى الضفة الغربية.

جنوباً.. اختير جبل أبو غنيم لإقامة مستعمرة "هار حوما" والتي تعتبر اليوم بلدة كبيرة متطورة من حيث البنى التحتية والبشرية.. ويستمر مخطط أيصالها جغرافياً بأحياء القدس الجنوبية والغربية. . رغم انتقاد الإدارة الأمريكية السابقة للتوسع الاستيطاني هناك. ولم تكف وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندليزا رايس بانتقاد السياسة الإسرائيلية هناك ودعوتها للتوقف وتجميد البناء والتوسع.

وبعيداً في الجنوب، الكتلة الاستيطانية "عتسيون" خلقت مع الزمن تواصل جغرافي حقيقي مع القدس.. حتى باتت تعتبر جزءا لا مفر منه من القدس الكبرى..!!
لا يخفى على أحد، أنّ سياسة الاستيطان وفرض جغرافيا جديدة، كانت نقطة خلاف بين إسرائيل والإدارات الأمريكية المتتابعة!! ولكن دون التعمق في هذا الخلاف وتفاصيله-لأنه يثير السخرية والضحك في آن واحد- يسأل السائل: ما الجديد إذاً في خطاب أوباما الأخير أو السياسة التي يتبناها اتجاه سياسة الاستيطان والتوسع الطبيعي و"الاصطناعي" للمستوطنات؟؟! هل هو تغيير استراتيجي لإدارة المنطقة العربية أم ابتسامات مؤقتة يمليه عليه الوضع الراهن للولايات المتحدة وموازنات جديدة لدورة جديدة من الخداع السياسي وخطاب سلام الشجعان؟!

وليس عبثاً أن يُعتبر خطاب نتن ياهو بالأمس في نظر الإدارة الأمريكية "خطوة نحو الأمام" !! أيّ "أمامٍ" والقدس "عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل".. وتوسع الاستيطان في القدس ومحيطها واقع لا مفر منه.. ولم يذكر أوباما ولو بكلمة واحدة جدار الفصل الذي انتزع القدس عن محيطها الجغرافي وشرّد أهلها داخلياً وحاصرهم في كنتونات لا تحمل أدنى مقومات الحكم الذاتي إذ لم نقل عاصمة لدولة عتيدة.. بات نتن ياهو يؤمن بها !!..

وحين بدأ السجال الأمريكي الإسرائيلي حول تفاهمات شفهية متبادلة مع الإدرات السابقة في مسألة الاستيطان وتوسعه الطبيعي والغير طبيعي.. صور لنا الاعلام أنّ خلافاً حقيقياً واقع بين الإدارة الجديدة الأوبامية وبين حكومة اليمين الإسرائيلي.. وكأن وجود تفاهمات من عدمه يغير من واقع الجغرافيا والسياسة شيء!! وكأن نفي وجود تفاهمات من قبل أوباما وإدارته تسجل في سياسته الجديدة وتقيد سياسة الاستيطان الإسرائيلي!! فهل يعقل أن لا يستخدم جورج ميتشل - المستشار الحالي لأوباما للشرق الأوسط ومبعوث بيل كلنتون سابقاً في لجنة التحقيق(2000)- توصيات هذه اللجنة حينئذ "بتجميد مطلق للاستيطان"!!
إن المتتبع لسياسة الإدارات الأمريكية منذ بوش الأب حتى أوباما الشاب يجد أن استراتيجية جديدة بعيدة عن الواقع الاستيطاني والمقدسي... وإن ابتسامة أوباما -اللطيفة بدون شك- لا ترقى لأن تكون إلا تكتيك اعلامي بغض النظر عن وجود مؤامرة سياسية من عدمها (وإن كنّا لسنا ممّن يقنعون أنفسهم بهيمنة مؤامرات تسيّر شؤون الكون) . فخطاب أوباما يمكن تصنيفه باستراتيجية توزيع الابتسامات والغزل السياسي، فهل يعقل!! أنّ شاباً ليبراليّاً من انتاج هارفرد يتغزل بالملك "عبد الله" السعودي واصفاً أياه بقائد ذي خبرة غنية وحكمة عالية.. وكذلك "مبارك" وزعماء آخرين في المنطقة المُعدّلة صناعياً بأنهم أصحاب خبرة وإرادة . ولعل شهر العسل ينتهي قريباً لتكشف الابتسامات عن أنياب استراتيجية عميقة متجذرة في السياسة الأمريكية.. لا يقتلعها شابٌ أسودٌ كان يملك إرادة وكاريزما وابتسامة بيضاء!!
أسامة عباس القدس 15 \ 6 \2009