الخميس، 22 يناير 2009

ما بعد غزة…

العدوان الفلسطيني الغاشم على الإسرائيلين !!!
بقلم أسامة عباس
تل أبيب- وكالة الأنباء العالمية: القوات البرية الفلسطينية تجتاح الأحياء اليهودية في مدن لواء الجنوب وتحاصر مدينة بئر السبع من الجهات الأربع.. القوات الجوية الفلسطينية تستمر في قصف مواقع المقاومة اليهودية في "كريات جات" منذ أسبوعين، وتستعمل قنابل محرمة دولياً.. ومن جهة آخرى يهرب سكان "أشكلون" تحت الهجوم المكثف لسلاح البحرية المنطلق من ميناء غزة الدولي (1.1.2020).

في زيارة لي لمعقل من معاقل فتح في رام الله والتي حصلت فيها حركة المقاومة الفلسطينية حماس بأغلبية الأصوات في الانتخابات التشريعية السابقة.. صارحني فتحاوي -وقد علته صورة للقائد الراحل ياسر عرفات وآخرى لمحمود عباس أبو مازن- أنّه إذا أجريت انتخابات فلسطينية اليوم فإن حماس ستحصد الأغلبية الساحقة من الأصوات. وسوف تفوز بالرئاسة الفلسطينية. وهذه المصارحة تمت بعد قمة غزة في الدوحة وقبل وقف اطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية. ففي ظل القصف الإسرائيلي المكثف للقطاع.. اعترف لي هذا الفتحاوي أن الاضطهاد السلطوي في الضفة الغربية بلغ حدا لا يطاق.. وقد يتفجر الوضع نتيجة الضغط الأمني في أيّ لحظة.

ادعيت سابقاً أنّ هذه الحرب على غزة استهدفت كسر إرادة المقاومة عند الشعب الفلسطيني.. وذلك بتصفية حركة حماس في القطاع وابعاد الشعب الفلسطيني عن خيارها الاستراتيجي ونزع ثقته بنهجها السياسي وموقفها المبدئي من الصراع. ولتحقيق هذه الغاية كان على آلة الحرب الإسرائيلية أنّ تسخر الاعلام الإسرائيلي والمتأسرل أو المتصهين لتفتيت معنويات الشعب الفلسطيني ومقاومته. فكانت هذه الحرب حرباً نفسية إعلامية في الدرجة الأولى.
فليس عبثاً أننا نجد الاعلام الإسرائيلي حتى اليوم يفتخر بمقومات القوات الإسرائيلية.. وهمه الوحيد إجراء المقابلات الاعلامية مع أبطاله العائدين من أرض المعركة وخاصة من سلاح الطيران. فهذا الطيار الذي عُرض كمثقف يدرس الفلسفة، يقرأ للفيلسوف الألماني عمانوئيل كانط ويستعد للمهمة ليلاً والتي سيسقط فيها نساءً وأطفالاً قتلى وجرحى. والأمر لا يزعج ضميره الفلسفي.. ولا يفكر بذلك وهو في طريقه للمهمة! بل همّه الوحيد كيف ينجزها على أتم وجه. وبالمقابل يصمم قادة إسرائيل في خطابهم الاعلامي على أن الجيش الإسرائيلي هو جيش أخلاقي. ولعل المراقب للحرب على غزة يسأل ضميره ما الخطاب الاعلامي الإسرائيلي المتوقع في سياق الخبر الذي سقناه في عام 2020 ؟!! بعد أنّ يبلغ أطفال غزة 2009 ويعتلوا الصف الأول والثاني من المقاومة المسلحة.!
ولعل هذا الخبر يعيدنا إلى قوة حماس المتعاظمة بين صفوف الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية بل في رام الله ذاتها! بعد أن اعتقدت إسرائيل أن حربها وحصارها على غزة سيضعف حماس ويسلخها عن قاعدتها الشعبية. . والحقيقة أنّ الأمور سائرة عكس رغباتهم وأهدافهم! بل إنّ القوى القلسطينية المقاومة التفت حول حماس وقادتها بصورة قل نظيرها.
وإن التطور الذي يحسب لصالح حركة حماس أنّها استمتعت بحيز سياسي ودبلوماسي في قمة غزة في الدوحة.. مع تهميش ما يسمى بالسلطة الفلسطينية وقيادات أوسلو وخط التسوية.. نتيجة سلوكهم وموقفهم السياسي المتخاذل. وقد علق الفتحاوي هناك في رام الله.. أنّ هذا الموقف من قمة الدوحة.. لا يعكس إلا انحراف قيادة التسوية عن تطلعات الشعب الفلسطيني وخياراته السياسية.
رغم العدوان المدمر لمقومات قطاع غزة المدنية من مساجد وجامعات ومدراس ومؤسسات.. ورغم الخسائر البشرية من قتلى وجرحى.. إلا أننا نتابع تضامن والتفاف الفصائل والقوى والشعب الفلسطيني حول المقاومة وبالذات حركة حماس. وهذه الحقيقة وحدها كافية لتفتيت الاعلام الإسرائيلي ونقض ادعاءات المؤسسة الإسرائيلية السياسية والعسكرية حول تحقيق أهداف الحرب على غزة.
في مواجهاتي السياسية مع إسرائيلين.. ومحاولتي كشف زيف اعلامهم وحقيقة تشويه وعيهم الأخلاقي والسياسي من قبل قادتهم، تصدمهم حقيقة انتصار المقاومة في غزة. وادراكهم بفشل الحرب- لمجرد عدم تحقيق أهدافها- توقفهم متجردين أمام أزمتهم الوجودية على أرض فلسطين. وعمق أزمتهم تتجلى في نفسيتهم المهزومة وإن تخفت وراء ترسانتهم العسكرية.. هي نفسية الإسرائيلي الذي يقبع في سياق الخبر عام 2020، وهو يتعرض للاجتياح والقصف المدمر من البحر والجو والبر. فهل يستبق الإسرائيلي القدر قبل أن تتحول هذه النفسية لواقع مأساوي.
لقد تغير العالم بعد عدوان غزة.. وسوف نلاحظ عاجلاً تفتت الخطاب الاعلامي والسياسي الإسرائيلي.. فالانتخابات القريبة ستسرع من تهافته.. لكن المسألة أعمق من حسابات انتخابية. بل هي سلسلة جديدة من أزمة الوجود .. تجلت في لحظة تراجيدية بعد جدال طويل وعميق بيني وبين أحدهم.. عندما سألني: هل ستلقونا في البحر؟!! فأجبته لست معنياً بطمأنتك على مصيرك!! فهي مسؤوليتك الأخلاقية والسياسية لتمنع مستقبلاً العدوان الفلسطيني الغاشم على الشعب الإسرائيلي في مدنه وبلداته الآمنة.

القدس 22\1\2009

هناك 8 تعليقات:

غير معرف يقول...

يرجى تكبير الخط

غير معرف يقول...

بوركت اخ اسامة ....

مقالة رائعة ...

سؤال على الهامش!! هل تدرس الفلسفة؟!

غير معرف يقول...

يبدو ان "اخر التعقيبات" لم تزبط

فان كنت تود مساعدة فارجو ان تضع تعقيبا في زيتونتنا و سنقوم بخدمتك

غير معرف يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
غير معرف يقول...

السلام عليكم
سألني أحدهم: هل أدرس الفلسفة؟
الجواب: لا.. ولكني أطلع بين الفينة والآخرى على أدبيات الفلسفة وعلومها!

وما الفلسفة؟

هي كما قلت سابقاً: هي منظومة التفكير التي تبيح للعقل البشري التخلص من محدوديته وتحرره من الغيبيات والمطلق العقائدي والأخلاقي.

أما الحكمة التي ذكرها النص القرآني: فهي منظومة التفكير التي تبيح للعقل التفكير في محدوديته ونسبيته وادراكه لوجوب الغيب.

أمااكتساب الفلسفة لوحدها فلعلها تحصل زينة الحياة الدنيا.. واما الحكمة فخالصة ليوم القيامة..!!

أسامة

غير معرف يقول...

بارك الله فيك على التوضيح , ونسال الله ان نكون ممن اوتوا الحكمة

ونصيحتي الك اخ اسامة , نفس نصيحة قريبك او قريبتك ,انك تدخل غمار العلوم السياسية,وسيكون لك شأن باذن الله , يعني نحن بحاجة لعقول اسلامية وخاصة فلسطينية في مثل هذه المجالات .

سدد الله على الخير خطانا وخطاكم

غير معرف يقول...

السلام عليكم ورحمة الله
كيف الحال خالي؟
قرات مقالك " العدوان الفلسطيني..." احييك على هذه القدرة على التحليل فكل كلمة كتبتها صحيحية 100 %ومن كان يتابع الاعلام الاسرائيلي يستطيع ملاحظة هذا والتاكد منه . وانا كنت من الذين تابعوا اعلامهم بشكل كبير لكي استطيع فهم كيف يفكرون وكيف يرون هذه الحرب وقد فاجئتني اشياء كثيرة رغم اني كنت متوقعة منهم اي شيء ... ومن ضمن هذه الاشياء محاولتهم المستميتة لاخفاء وتزييف الحقائق والبحث عن اي شيء لاثبات انهم منتصرين وانهم الاكثر اخلاقيين وانسانيين كانوا يبحثون عن اي مبرر ليريحوا "ضمائرهم" من بشاعة الصور التي كانت تصل من غزة والتي صانعوها هم بانفسهم حتى انهم كانوا يختلقون قصص ومبرارات اغلبها كان يصل بك حد الضحك لتفاهتفها ولادراكك انها لا تصلح حتى لاقناع طفل صغير لا يفقه شيء عن هذا الصراع.وكثيرا ما كانوا يناقضون انفسهم بتحليلاتهم مثلا تحليلات ايهود يعاري من القناة الاولى, تسفيكا يحزكئيل والون بن دفيد من القناة العاشرة وغيرهم... كانوا كمن يحاولون اخفاء الشمس باصبع. والان بعد نهاية الحرب بدأوا تدريجيا بالاعتراف انهم كانوا يخافون من الانتقاد من قبل الرأي العام باسرائيل تماما كما حدث في لبنان 2006 عندما اتهمهم الاسرائيليون انهم ساهموا في اضعاف معنويات الجيش والمجتع الاسرائيلي. وتستطيع ايضا ملاحظة عملية "المحاسبة الذاتية" التي بدأوا فيها من خلال عدة برامج واغلبها هزلي مثل " ארץ נהדרת" حيث في هذه البرامج يوجد لديهم مساحة اكبر لانها توجة انتقادا بشكل هزلي وغير مباشر. بعد هذه الحرب تأكدت بصورة لا تدعوا للشك من شيئيين اثنين , الاول ان لا وجود للحرية الاعلامية الاسرائيلية وحتى ديموقراطيتهم التي يتابهون ويفتخرون بها مشكوك بوجودها, فكل شيء عندهم مسيس وفق مصالح فئة او ربما فئات واغلب هذا الشعب ضحية مصالح اكبر منهم بكثير. الشيء الثاني انه بالفعل يوجد لديهم هوس يصل الى حد العقدة النفسية من مسألة وجودهم وخوفهم من كل ما يحيط بهم .
خالوا حبيبي مقالك يدل على ثقافة ووعي سياسي عالي وقدرة على الاستنتاج ايضا عالية.(ونصيحتي لالك بكرة روح سجل للقب الثاني علوم سياسية وليكن موضوع البحث "תיזה" عن تحولات في الصراع العربي الاسرائيلي بعد حرب لبنان وغزة او بعد 11\9 او بعد بدأ الانقسام العربي العربي وظهور محورين المعتدلين (الخائنين) ومحور المتعصبين (الواقعيين او الوطنيين او الاحرار او المقاومين)
وبالنجاح

شذى

غير معرف يقول...

السـلام عليكم ..
عندي اقتراح بسيط ..
لماذا لاتكتب باللغة العبرية مثل هكذا مقالات .. أظن أنك تتقنها بشكل قوي ..
يسر الله طريقك .. وجعلك ذخراً لهذه الأمة