الخميس، 8 يناير 2009

غزة هاشم… صراع إرادات

بقلم:- أسامة عباس
في هذه العجالة ومع تسارع الأحداث العدوانية على قطاع غزة.. والذي لا يسمح لليراع أن ينطلق في رسم معالم الأحداث ووضع طبيعة العدوان وجوهره في سياقه الملائم من علاقات الصراع التاريخي بين الحركة الصهيونية وإرادة الشعب المُستعمَر.. أحاول وضع العدوان في صلب التاريخ والصراع والحل (كسر إرادة إسرائيل ومن وآلاها). وذلك بعرض الخطاب السياسي ومواقف الأطراف القريبة والبعيدة.. وكذلك استعادة البعد النفسي لثقافة المقاومة.
كما ساد في حرب إسرائيل على لبنان ومقاومته.. عاد الاعلام الإسرائيلي ليقف في طابور قطيع الجنرالات وسياسة تصفوية لقضية شعبية عادلة. لن نبحث في أسباب الاصطفاف المطلق خلف آلتهم الإسرائيلية .. فالأمر طبيعي يتعلق بخوف اليهودي الوجودي من وجود الفلسطيني. ولكن ما يهمنا هو حقيقة تكريس العنصرية واللأخلاقية والنظرة الإستعلائية ليس فقط تجاه الشعب الفلسطيني .. بل على إرادة الإنسان أينما كان.. فادعائهم أن المجتمعات الغربية ودول قريبة وبعيدة تصمت على عدوانها كي تُمنح الآلة العسكرية فرصة القضاء على المقاومة وكسر إرادتها وفرض حقائق وشروط جديدة. هي سلسلة متواصلة من إرادة السيطرة على وجود الفلسطيني وتشويه حقيقة الصراع. أنّ القضية ليست صراع بين دولة ومتمردين.. وبين دولة وارهاب. بل إنّ الصراع هو صراع وجودي يحدد مدى تثبيت \ كسر إرادة التحرر. إسرائيل ما زالت تحلم في أن يبقى الفلسطيني يخاطبهم باللغة العبرية قائلاً: אדוני .
وعندما تعلن الإدارة الأمريكية من البيت الأبيض: أنّ العملية الإسرائيلية لن تتوقف حتى توقف المقاومة صواريخها.. هو صراع إرادات ومحاولة فرض إرادات. وأبو مازن شريك إسرائيل والولايات المتحدة يعلن أن على إسرائيل وقف عدوانها!!! وكأنه خطابياً يخرج عن إرادة الهيمنة!! وهذا الرئيس المصري يطالب إسرائيل بوقف عدوانها سريعاً … ولكنه لا يتوقف وزبانيته في اتهام المقاومة بجر قطاع غزة والشعب الفلسطيني لمواجهة مع إسرائيل.. ومجدداً يحاول فرض تسوية لوقف إطلاق النار.. أقل ما يقال في حقها أنها تهدف لكسر المقاومة ومحاصرتها. وهذا "مجلس التعاون الخليجي" بلغة متلعثمة تفقد أدنى القواعد النحوية يطالب بمراجعة القيادة الفلسطينية والتعقل في تحقيق حقوقهم. ومجلس وزراء الخارجية العرب لا يبتعد كثيراً ولكنه يختبأ وراء دبلوماسية مهترءة، لا تعبر إلا عن إرادة مسلوبة لأنظمة عربية فقدت شرعيتها الأخلاقية والسياسية.. حتى أنّ النظام المصري بمقترحه حول وقف اطلاق النار يلقي بعرض الحائط اجماعاً عربياً ضعيفاً وهزيلاً أصلاً.
مقابل إرادة السيطرة التي تمثلها إسرائيل والولايات المتحدة ومقابل إرادة مسلوبة للنظام المصري والأنظمة المُعدلة.. تقف إرادة التحرر التي تقود وجهتها في هذه المعركة، المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. ولكن قبل الخوض في إرادة التحرر لا بد أن نضع التحركات التركية بقيادة رجب طيب أردوغان في قلب صراع الإرادات. هذا أردوغان الذي يحمل على كاهله إرثاً أكثر تعقيداً وخطورة من كافة الدول العربي مجتمعة.. ولكنّه بفعل الإرادة المتحررة عبر عن موقف أكثر عروبياً وفلسطينياً من دول عربية وقوى فلسطينية مسلوبة الوجود. بالرغم من علاقات تركيا مع إسرائيل وحتى مناوراتها العسكرية وعضويتها في الحلف الأطلسي..
عندما كان الفلسطيني يلقي الحجر كانت الأسلحة الفتاكة وحتى الدبابة الإسرائيلية تواجهه بعنف. واليوم مقابل صواريخ فلسطينية الصنع يتحرك سلاح الجو الإسرائيلي.. ومقابل “الجراد” صيني الصنع.. تحلق في أجواء قطاع غزة الأباتشي وال F-16 أمريكية الصنع. فإذا ادعى أبو مازن عبثية قذائف القسام.. فهل يجرأ على وصف الحجر بالعبثية؟!!. فنسبة القوة بين الحجر والقناصة هي ذاتها بين القسام والأباتشي. إن المبدأ واحد... وإرادة التحرر واحدة منطقاً وجوهراً.. ولكن تشكيلاتها العملية تتطور وتتناسب مع صيرورة الصراع ودالته الطردية.
ظنّ جنرالات آلة الحرب الإسرائيلية أنّ قطاع غزة هي الحلقة الأضعف في قوى الممانعة للأمة الإسلامية والعربية.. وعن طريق الاعتداء الآثم يمكن أن يفرضوا ميزان قوة وفرض حقائق جديدة في القضية الفلسطينية والمنطقة.. ولكنّ صمود المقاومة الفلسطينية والتفاف الشعب الفلسطيني بكافة مركباته حول خيار المقاومة أثبت أنّ إرادة الشعب لا تنكسر تحت وطئة السلاح المتطور والقنابل الذكية.
أراد الساسة الإسرائيليون تصفية حساباتهم الانتخابية على دماء أطفال ونساء وشيوخ شعبنا الفلسطيني في غزة.. ولكنّ تماسك الأهل في غزة وصمودهم الأسطوري سوف يصفي ساسة إسرائيل الذين يجزون بمجتمعهم اليهودي في عداء أبدي مع الإنسانية والأمة العربية..
أراد الاعلام الإسرائيلي أنّ يخدع المجتمع اليهودي ويخدع نفسه في الأهداف المعلنة للاعتداء على قطاع غزة.. فرددوا هدف ساساتهم وجنرالاتهم حول وقف صواريخ المقاومة.. ولكنهم نسوا أنّ الاعتداء هو أعتداء على الشعب الفلسطيني.. وأنّ القتلى من الأطفال والنساء… وإبادة عائلات بكاملها.. لا تزيد هذا الشعب إلا تمسكاً في خياراته وإرادة التحرر المقاومة.
لقد اختار شعبنا الفلسطيني أن يقاوم هذا العدوان.. وأنّ يقف صفاً واحداً .. تحت إرادة راسخة ضد محاولة تصفية القضية الفلسطينية وفرض حقائق أمنية وسياسية مجحفة.. وقرر أن يفرض إرادته على إسرائيل وعلى الأنظمة العربية المتآمرة وعلى الشرعية الدولية المزيفة.
القدس - 8 \ 01 \ 2009

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

الموضوع بكل بساطه رائع من كل جوانبه وفلسفه يتجلى فيها اصغر الأفكار التي بين السطور والتي تحتاج لبنزين الوعي التام لكي تظهر في عقولنا .
لكن اظن انو الموضوع ابسط بكثير من كل هذه النقاط .. لا شك انها نقاط مهمه .. لكن لا اظن ان الطفل الفلسطيني الذي راى بالحجر اكبر وسيلة للدفاع عن وطنه فكر بالذي خطر لك .. صدقني يا استاذ ان لو كان كل شخص منا سيسلط الضوء فقط على كل هذه الفلسفات لما عرفنا ابداً ان الحجر من اهم الرموز التي دافعت عن فلسطين .. كمثال بسيط .. لأن ام الشهيد الفلسطيني البسيطه لا تطلب مثل هذه الفلسفات بل تطلب كلمة حق واحده او حتى مجرد صرخه من انسان يعترف بشكل كلي بحقوقهم.. فقط ...
او حتى يكفينا النظر من بعيد الى الصوره يا ليتنا نبحث عن وسيله الدخول في الصورة هذا ما يحتاجه الشعب الغزاوي او الفلسطيني المضطهد بشكل خاص ...
في النهايه سلمت ايدي اي صحفي يسطر بسيفه ما لم يخطر لنا على بال, وما يضجع عدوة .
بارك الله فيك