الاثنين، 22 يونيو 2009

شماتة العرب دليلُ عجزهم ! ! !

مستقبل الأزمة الإيرانية
بقلم:- أسامة عباس
إنّ مما يغيض في هذه الأيام بُعيد ظهور نتائج الإنتخابات الإيرانية وعلى أثر الاحتجاجات العنيفة من قبل شريحة من المجتمع الإيراني.. ليس تورط بعض الشخصيات الإيرانية في مغامرة خطيرة ضد النظام الأيراني الثوري والمصالح الإيرانية - على الأقل في مستواها الإعلامي والمعنوي- وليس قناعتنا بوجود خيوط خفية تحرك الشارع الإيراني من الداخل والخارج بوعي أو دون وعي لتشكك المتابع في مستقبل إيران.
ولا يغيضني أنغلاق المؤسسة الإيرانية الرسمية أمام أمواج التغيير الداخلي وضرورته.. وعجز عقلية المحافظ على استيعاب المعارضة الإصلاحية، ممّا ينعكس على نظام الجمهورية الإسلامية ورغبته بالمحافظة على إرث الثورة الخمينية مثل مبدأ ولاية الفقيه، والذي يثير حوله جدلاً في أوساط فقهاء الشيعة والسياسة في أيران.

ولكن ممّا يغيض المرء ويستفزه، هي عقلية التّصيُّد التي تسود أوساط مثقفين وصناع القرار العربي.. بغرض تبرير عدائهم المحكم للنظام الإيراني الثوري، نظام طالما أحرجهم على المستوى الإقتصادي والسياسي والدولي. ولا يعلم هؤلاء أنّ تربصهم هذا للنظام الإيراني يجعل منهم مجرد مارّون أشقياء في التاريخ الفارسي عبر آلاف السنين.. وهوامش في التاريخ الإسلامي وسيروراته السياسية.. ممّ يجعلهم حالياً في موقف حرج مهمّا تقلبت الأوضاع السياسية الإيرانية.
فإمّا أن يمر النظام الإيراني متجاوزاً لهذه الأزمة.. ويخرج منها أشد قوة ومتانة، وتحصيناً للمناعة الذاتية التي لا تسمح للمغامرات الداخلية ولا للمؤمرات الخارجية من تحييد التورة عن مبادئها الأساسية ونظامها السياسي.
وإمّا أنّ يحدث تغيير سياسي في النظام الإيراني باتجاه الانفتاح الداخلي واستيعاب الاجتهدات السياسية والفقهية المتباينة حتى تلك التي تمس مبادئ ومسلمات كرستها الثورة الإيرانية منذ عام 1978.
فإذا تجاوز النظام الإيراني أزمته الحالية فسينقلب المتربصون على أعقابهم.. بعد أن غرتهم الأماني في إنهيار النظام وتبديل قبلة إيران المقاوِمة والممانِعة لتولّ وجهها نحو واشنطن.. استعادةً "لمجد" إيران الشاه قبل الثورة الخمينية.. تمشياً مع قبلة المُعدّلون العرب... فلا شك أنّ نظاماً شبيه بنظام رضا شاه بهلوي يتوافق مع مصالح الأنظمة العربية المعتدلة ومع ليبراليين عرب تتوافق مصالحهم السياسية والثقافية مع هذه الأنظمة.
وإذا تطورت الأوضاع الإيرانية نحو تبديل النظام بنظام أكثر انفتاحاً وتقبلاً للمعارضة – أو حتى ثورة مضادة تنفي النظام الإسلامي والولي الفقيه -.. فإنّ هذا التطور الذاتي حجة على العرب وفضحاً لعجزهم عن تطوير نظمهم السياسية والثقافية.. وتعويلهم على تغيير الآخرين في تحسين ظروفهم وواقعهم.. تغييراً يطمأنهم على أحوالهم ومصالحهم، ويكريس تخلفهم وشعورهم بالدونية مقارنة بإخوانهم الفرس والترك الذين تجاوزوا سلبيتهم السياسية وسباتهم التاريخي.. وتبديداً لشعورهم- أي العرب- الوهمي بتهديدٍ فارسيٍّ يتربص بهم لتحويلهم عن ثقافتهم الأعرابية.
ففي كلتا الحالتين سيبقى هؤلاء على هوامش التاريخ والتطورات السياسية التي تمر بها الأمم والدول. أمّا التغيير الإيراني حيت كان فإنه لا ينفك عن تطوير النظام الإيراني ومصالح "الفرس" الثقافية والاقتصادية والسياسية.
ثقافياً، أثبتت التجربة الإيرانية أنّ الشعب الإيراني يمتلك من الحصانة والعمق الثقافي ممّا يؤهله لولوج التغيير السياسي بكل مستوياته دون التخلي عن إرثه وهويته العقائدية وحضارته الممتدة إلى ما قبل الإسلام.
إقتصادياً، بعد الإنجازات الإقتصادية التي حققتها الثورة واستقلال الإقتصاد الإيراني وتحريره من الهيمنة البريطانية والأمريكية في ظل نظام الشاه الاستبدادي.. وتأميم الثروات الطبيعية لمصلحة الشعب والدولة.. فمن البديهي أن لا يتنازل أي نظام إيراني مستقبلاً عن هذا الإرث الفارسي.
سياسياً، إنّ أي نظام إيراني بعد الثورة الخمينية، لن يعود ليختزل إيران ومصالحها في حدودها الجغرافية. فنحن نعلم أن الأمم الحيّة والتي تسعى لتطوير أمكانياتها البشرية والمادية والدفاع عن مصالحها السياسية لا تعتبر الجغرافيا إلا خط دفاع متأخر عن وجودها ومستقبلها.. وأما حدودها السياسية والاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية فتتجاوز جغرافيتها، بل تتسع باتساع الكون الرحيب وليس عبثاً أنّ إيران بدأت تتطلق صورايخها وأقمارها للفضاء، لتدخل حلبة التنافس الدولي.
الحرب الفارسية اليونانية (سبارطة)
بهذه الانجازات ولهذه الأسباب .. فإنّ أيران مهما تبدلت قياداتها ونظمها .. ستبقى على الخارطة الدولية. وأمّا الليبراليون الأعراب والمُعدلون من العرب.. فلن يذكرهم التاريخ إلا في حواشي الكتب والمخطوطات البالية.
عاشت الثورة.. وعاشت الأمم
أسامة عباس
القدس
22 \ 6 \ 2009-06-22

هناك تعليق واحد:

المكتبة يقول...

الملاحظة الثانية أن ما يقال عن تزوير الانتخابات هناك يظل وجهة نظر الطرف الخاسر، وهو ما يحتاج إلى إثبات من قبل جهة محايدة، وإذا ما ثبت فإنه يجرِّح القيمة الأخلاقية للنظام الإيراني لا ريب. مع ذلك فلا مفر من الاعتراف بأن موقف المجتمع هناك من دعاوى التزوير أفضل كثيرا من نظيره في العالم العربي، فقد خرجت الشرائح المعارضة إلى الشارع وظلت طوال الأيام العشرة الماضية تواصل تحديها ورفضها واشتباكها مع الشرطة، في حين أن التزوير في أقطارنا العربية أصبح قاعدة في أي انتخابات محلية أو نيابية ولا تسأل عن الرئاسية. وثمة أحكام قضائية أثبتت التزوير في بعض الأقطار، ومع ذلك فإن المجتمع ابتلعها وسكت عليها، وتعامل معها بدرجة مدهشة من "التسامح" وغض الطرف.


جزء من مقال لفهمي هويدي بعنوان " إيران إذا اعتدلت "