بقلم:- أسامة عباس
تتردد مؤخراً في وسائل إعلام عربية وأدبيات سياسية وفكرية مقولة “سقوط شعار" الإسلام هو الحل، بعد حقبة من هيمنته على أوساط شعبية ونخبوية. فقد ظهر الشعار الذي تبناه التيار الإسلامي العام بشتى تصنيفاته ومشاربه، منذ عقود مديدة، وخاصة أولى الحركات، حركة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها في مصر عام 1928. وقد ارتبط ظهور حركة الإخوان المسلمين بسقوط "الخلافة" رسمياً عام 1925 ، والتي تمثلت في الدولة العثمانية آخر دولة تسعى -ولو نظرياً- لاستيعاب كافة المسلمين كجزء من طبيعة الدولة وهويتها الإسلامية. وهذا الربط التاريخي بين ظهور الحركات الإسلامية وسقوط دولة الخلافة.. تمثل العلاقة الوثيقة بين فكرة وهدف استعادة "الخلافة" وبين العمل الحركي الإسلامي بمستوياته المتعددة، تربوياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وثقافياً. وإن تعددت طرائق العمل لتحقيق هذا الهدف، فإن كافة الحركات والتنظيمات الإسلامية، تنادي للخلافة الإسلامية جهراً كان أو سراً.
وغالباً ما ارتبطت مقولة "الإسلام هو الحل" بالغاية المنشودة في تحقيق الخلافة الإسلامية، التي توحد المسلمين تحت نظام حكم واحد. نظام حكم يسعى أو ينادي بتطبيق الإسلام عقيدة وشرعة في واقع المسلمين، إيماناً من الإسلاميين بأنّ الخلافة تطرح حلولاً لكافة مشاكل المسلم المعاصر. فلا شك أنّ هذا الشعار، بات يميز الحركات الإسلامية، وبالذات حركة الإخوان المسلمين ذات الإنتشار الواسع في العالم العربي. والحقيقة أنّه رغم وجود معارضة أيديولوجية للتيار الإسلامي، منذ ظهوره وهيمنته على الرأي العام العربي والإسلامي.. إلا أنّ مقولة "سقوط الحل الإسلامي" كادت تكون معدومة.. إنّما كانت المعارضة تتمحور حول طبيعة المقولة ذاتها وأفكار وسلوكيات أصحابها.
والإشكالية المهمة في مقالتنا هذه : متى يفقد الشعار بريقه وسحره..؟ ومتى يظهر صوت يعلن وفاة الشعار والمشروع؟ وما حقيقة هذا الصوت؟ وماذا يترتب على مجرد ظهوره؟ وما مدى مصداقيته نظرياً وعملياً؟.
طالما أثارتني فكرة سقوط الشعارات والأيديولجيات والأساطير السياسية والثقافية ! فمهما اختلفت طبيعة الشعارات وارتباطاتها دينياً أو علمانياً .. فإنّه تكاد تهيمنُ عليها سننٌ ونواميسٌ، ترسم صيرورة بزوغ الشعارات والأساطير وانهيارها، مروراً ببلوغها أوجها في عصرها الذهبي!. ففي السياق ذاته، نذكر مقولة "سقوط القومية العربية" <1> وإعلان وفاتها بُعيد هزيمة عام 1967، وأفول شعارات وحلول إشتراكية قومية في العالم العربي.. فهل هذا ما يحدث الآن مع "الحل الإسلامي"؟ وهل مصيرُه مستقبلاً، سقوطُه حتماً؟!!
إنّ حركة التاريخ حتماً تقهر الأفراد، الفقراء منهم والمساكين والمستضعفين من الناس، وتغيّبهم في هوامش التاريخ. إنّما أكثر من ذلك، تتجاوز الجماعات والتيارات والأحزاب وتجعلها جميعاً نسيّاً منسياً.. بل إنّّ دولاً وإمبراطوريات عظيمة اندثرت وأصبحت حبراً في سجلات التأريخ وكتب الدراسة وقصص الذاكرة.
بعيداً عن التوظيفات الأيديولوجية الليبرالية لمقولة سقوط المشروع الإسلامي.. فهذا لا يمنعنا من تتبع قهر التاريخ وحركته لأي مشروع وشعار، حتى وإن ارتبط بالإسلام. بل أكثر من ذلك، فإن المشروع الإسلامي نفسه، خاضعاً لهذه النواميس التاريخية، وهو معرضٌ كغيره لدخول الذاكرة، منطويةً به صفحة آخرى من التاريخ الإنساني. وما عشرات المذاهب الفقهية والتيارات الإصلاحية، إلا دليلاً ساطعاً على استسلام التراث الإسلامي برمته لنواميس القهر والطيّ. وهل دامت الخلافة الراشدة أكثر من بضع عشرات السنين، كي تدوم تجارب إسلاميّة معاصرة "وغير معاصرة" ! ؟ . أم دامت حضارة الأندلس في أوجها لأكثر من قرن أو نصف قرن؟!. وهل سيقف المشروع الإسلامي المعاصر في وجه القهر التاريخي؟ بل هل سيحقق ذاته بدايةً، كي يثبت ذاته في واقع التاريخ وحركته؟!
يصطف ليبراليون عرب في هذه الأيام، خلف توظيف هذه المقولة، ولا شك أنهم يسعون لتصفية حسابات سياسية وثقافية، مع تيار ينافسهم على روح الأمة وهويتها ومشروعها. وبعض الليبراليين يتربصون عند كل حدث يهز كيان "المشروع الإسلامي"، بغض النظر عن كونه وهماً أم حقيقة. فتعليقاً على حصول حزب الله اللبناني على عدد مقاعد أقل في الإنتخابات السابقة، ومن قبله إسلاميو الكويت والأردن والمغرب ومصر، والأحداث الأخيرة التي تمخضت عنها الإنتخابات الإيرانية .. يُرجع هؤلاء أسباب هذا التراجع لسقوط المشروع الإسلامي، وعلى أقل تقدير، كشف الغطاء عن سحر شعار "الإسلام هو الحل" ونزع القداسة التي ألصقها "الإسلامويون" على مشروعهم السياسي، الذي لا يتعدى كونه استغلالاً للدين وسعياً وراء مصالح سياسية .. وتقديس المدنس وتدنيس المقدس!!.
فحقيقة أنّ هذه المقولة لا تحتل حيزاً معقولاً، على مستوى الرأي العام العربي والإسلامي- وهي تسقط عملياً في لحظة تحليلنا للأحداث الموضوعية وربطها مع سياقاتها العامة سياسياً وثقافياً في العالم الإسلامي.. وخاصة في بؤرة الأحداث على محور طهران-القاهرة مروراً بأنقرة- فلسنا بحاجة للتحليل النفسي والثقافي لمن يتبنى هذه المقولة .. ولا لخلفيّته السياسية والإقتصادية، حتى ننزع اللثام عن مبررات ظهور هذه المقولة. رغم كل ذلك، فإنّ أمام التيار الإسلامي والحركات الإسلامية تحديّان استراتيجيّان.. أمّا الأول ممكن أنّه تجاوزه أو لنقل تجاوز مرحلة الخطر فيه. وأما التحدي الثاني فإنّه يفرض نفسه بشدة على المشروع الإسلامي، خاصة السنوات القليلة الماضية وفي المرحلة القادمة.
تحدي الهوية . . وسقوط التبعية
بعد عقود من ظهور التيار الإسلامي، وفرضه لأجندة جديدة ومغايرة.. وأحياناً مناقضة لتيارات وتوجهات على الساحة الثقافية والسياسية للواقع العربي والإسلامي.. استطاع أن "يفرض" رؤية جديدة للهوية العربية والإسلامية، قوامها أنها ترتكز على الإسلام كمرجعية أساسية لواقع المسلم ورؤيته للحياة والعالم.. بدل مرجعيات آخرى تبنتها نخب ثقافية مسلمة وعربية، واستلهمتها من الثقافة الغربية.
"تحدي الهوية" -كما نطلق عليه- هو الذي تجاوزه التيار الإسلامي، ومنع صيرورات وسناريوهات متعددة في تغريب الإنسان والأمة، وطمس هوية أصيلة في ذاتها. لقد أوقف التيار الإسلامي الحركي، حركة التبعية السياسية والثقافية للغرب، والتي بدأت منذ بدايات الإستعمار الفرنسي للجزائر عام 1830 والإستعمار البريطاني لمصر منذ عام 1882، وقبله من خلال الامتيازات التي فرضها الغرب على الدولة العثمانية خلال القرن التاسع عشر. امتيازات تلخصت في تحقيق مصالح سياسية واقتصادية وثقافية للدول الغربية المهيمنة. ولكن حين تصادمت مصالح الغرب الإقتصادية مع ادعاءاته الثقافية - بتحرير الشرقيين من "تخلفهم الثقافي والأخلاقي"- لم يضع قيمه الأخلاقية والثقافية في سلم أولوياته <2>، فكُشف زيف ادعاءاته وتعرت حقيقة القيم التي تبنتها نخب عربية ومسلمة مسلوبة الهوية.
إن التحول النوعي والجذري الذي أحدثه التيار الإسلامي في مجال الهوية.. هو في حقيقته تحول على مستوى الأمة نظرياً وعملياً، أدى إلى قطيعة فكرية مع قرونٍ اقنع المسلمون أنفسهم –فقهاءاً ودونهم- بغلق باب الاجتهاد. وذلك بعد أن فقد الفقه الإسلامي قروناً، تفاعله مع الفكر والواقع على حدٍ سواء. فقديماً تمحورت حركات الإصلاح حول مذهبٍ أو اجتهاد فقهي.. واقتصرت دعوة الإصلاح على جزئية إمّا سياسية أو فقهية أو اجتماعية، ولم ترتبط هذه الدعوات -غالباً- بكليات عقائدية وتشريعية، تتسم بالتناسق والمنهجية الفكرية والمعرفية، والتأثير الواقعي المستديم.
لقد تبنى التيار الإسلامي وخاصة الحركي منه.. منهجاً مغايراً لدعوات الإصلاح قديماً، متجاوزاً الاجتهادات الشخصية، الفقهية والمذهبية، وإن اعتمد في جزئياته على الفقه القديم في أمور العقائد والعبادات. وربط كليات الإسلام العقائدية والتشريعية مع تحديات الهوية، في قضايا الاستقلال والاستغراب والتبعية والصراع الفكري والثقافي داخلياً وخارجياً. وقد استطاع التيار الإسلامي نقل هذه القضايا، وغيرها كثير، لمجال الهوية وتحويلها لمسلمات ايديولوجية، لا يمكن تجاوزها البتة. وما حركات المقاومة الإسلامية، إلا تعبيراً واحداً حقيقياً عن هذه الهوية ومسلماتها. ولكن مسلمات الهوية لا تقتصر فقط على مجال المقاومة العسكرية. فحركات إسلامية كثيرة، تتحرك في فضاء آخر غير عسكري، منه الثقافي والسياسي والاجتماعي والأكاديمي. ولكنّها جميعها، تستمد هويتها وتطرحها للمجتمع والأمة من خلال مسلماتها.
ولا يخفى - إلا على جاهل أو مكابر- هيمنة التيار الإسلامي على خطاب الهوية في العالم العربي والإسلامي.. ممّا يدحض مقولة السقوط، على الأقل في مجال الهوية ومتعلقاتها. ولعل ما يقلق الليبراليين العرب، ويسعون لاسقاطه، هو مفهوم الهوية ومسلماتها العقائدية والتشريعية والسياسية، لأنه يقف حاجزاً بينهم وبين مصالحهم السياسية والثقافية في المجتمعات العربية والإسلامية. ولهذا لا يتورعون عن ربط مصالحهم وروءاهم، بالأنظمة الحاكمة والنخب السياسية التي تهيمن على ثروات وثورات الأمة.
وقد أستحدثت مفهومين لفهم الحالة الإسلامية وتطور هويتها:
المفهوم الأول: التمحور- عند دراسة ادبيات بعض الرواد الإسلاميين، نجد الطابع المهيمن عليها هو تكثيف الذات, بمعنى تسليط الضوء على مكونات الذات ومميزاتها. ففي هذه الحالة من الطبيعي أن يُهمش الآخر العقائدي أو الثقافي, وتنتزع الذات من سياقاتها وتحدد علاقاتها وارتباطاتها مع الآخر المغاير. هذا النوع من التمحور حول الذات، يعود وجوده للمركبات الشخصية للكاتب أو المفكر أو القائد.. ويرتبط بواقعه الموضوعي السياسي والثقافي الذي ينتمي له.
المفهوم الثاني: التحاور- في هذه الحالة يتم توسيع الذات وبناء ارتباطاتها مع العالم المحيط لها والآخر الإنساني. بدل التمحور حول الذات وخصائصها.. يرتكز هذا النوع ببناء وتحليل منظومة العلاقات بين الذات والآخر محاولاً مد جسور التلاقي. في هذه الحالة يغلب على الكاتب أو المفكر أو القائد أسلوب ومنهجية الحوار مع الذات (الأنا و النحن) فيما بينهم، وبين الآخر (هم) من جهة آخرى.
مرحلة تمحور الأمة حول ذاتها وتكريس الهوية الذاتية.. ضرورية للحفاظ على وجودها التاريخي (أياً كانت).. وعدم اندثارها بين الأمم.. وخاصة إذا تعرضت لهجوم عسكري وثقافي، كما تتعرض له الأمة الإسلامية ومجتمعاتها منذ بدايات الإستعمار الغربي. ولكن مرحلة التمحور هي مرحلة مؤقتة، حتى تستعيد الأمة شخصيتها وثقتها في ذاتها وهويتها ، ومن ثم تنتقل للمرحلة التالية، متجاوزة مرحلة الخطر وامكانية استلابها ثقافياً، وتكريس تبعيتها للآخر.
ممكن في هذا السياق فهم جدلية التشدد والتطرف في مقابل التبعية والاستلاب في مرحلة ما من تاريخ الأمة!.
لقد ظهرت بعض الأصوات قبل انهيار النظام العثماني، يدعو المسلمين لاصلاح أوضاعهم، والنهوض مجدداً بأمور دينهم وتجديد حياتهم المعنوية والمادية على ضوء القرآن والسنة المطهرة. ولكن لم تصل هذه الدعوات إلى مستوى التشكل والتنظم السياسي والجماعي. كانت نقطة التحول في التحرك من أجل إعادة الحياة الإسلامية- وخلافة تجمع المسلمين كافة، وتعبر عن عقيدتهم ومناهجهم ورغباتهم السياسية والاقتصادية والأخلاقية- حين أعلن المؤسس، حسن البنا، تكوين جماعة الإخوان المسلمين في مصر. كانت جماعة الإخوان أول تنظيم جماعي جدي، يحدث تغييراً في البنى الفكرية والاجتماعية والسياسية، ويوجه نحو أهداف ومشاريع تتبنى طروحات إسلامية.
لا شك أنّ هذا التحرك المنظم، رغم محدودياته البشرية. إلا أنّ الحقيقة التاريخية، تحتم علينا الاعتراف بهذه التجربة على أنها جديدة وخلاقة في مستوياتها الفكرية والسياسية في التاريخ العربي والإسلامي.. ولها الفضل ومن تبعها من تيارات وحركات إسلامية في مواجهة تحدي الهوية والذات.. ثَمَّ سقوط التبعية.
التحدي المدني . . وتكريس المشروع
ولعل تحدي الهوية وتجاوزه، لا يكفي لأن يحقق التيار الإسلامي وجوده ومقاصده. فلا بد للهوية من صور واقعية تعكس صلاحيّتها وأحقيتها في الهيمنة على الأمة والدولة. وهذا ما نصفه بالتحدي المدني (أزدواجيّ المعنى). بالمعنى الأول، نقصد به تحويل الهوية ومسلماتها لواقع يلمسه الناس..ولمشاريع عملية تصب في مصالح الناس الدنيوية، وليس اكتفاءاً بأسر عاطفة الأوساط الشعبية بشعارات ومقولات عامة.
ولعل هذا الانسجام بين الهوية والتحدي المدني ومستلزماته، يضمن اللتفاف الجمهور حول المشروع الإسلامي، وضمان تمكينه وعدم سقوطه. ولعل هذه الحقيقة الناموسية تنطبق على المعنى الآخر للتحدي المدني، تعبيراً عن مرحلة المدنية (المدينة) للرسالة المحمدية.
فحتى هذه الرسالة السماوية لم تحيد عن منطق التاريخ والانسجام مع حركة التاريخ.. فبعد تكريس الهوية ومسلماتها في مكة.. بدأت التشريعات في المدينة تلبي حاجيات الناس الدنيوية. هكذا ارتبطت مصالح الناس الاقتصادية والسياسية، مع الهوية الجديدة ومستقبلها المعنوي، العقائدي والثقافي.
مسوغات التحدي المدني:
- ما يطلق عليه المشروع الإسلامي أو الحل الإسلامي، بات يميز الحركات الإسلامية.. فمن المنطق أن لا تصف الليبرالية نفسها بالصفة ذاتها، محاولة للتمويه، وكسب تأييد شعبي - فقدته نتيجة قطيعتها عن هوية الأمة- وتغطية حقيقة مشروعها الثقافي والسياسي.
- الإسلام بالنسبة لهم لا يتعدى كونه نظاماً أخلاقياً (Ethics) أو احدى المنظومات الأخلاقية التي يمكنها -في أحسن الأحوال- أن تغني العلاقات الأخلاقية بين الناس، وتحدد قواعد أخلاقية وسلوكية في مجالات حياتهم الشخصية. هكذا يتم خصخصة الأخلاق والقيم، وتكريس نسبيتها في عالم متغير متسارع، يتحكم فيه نخب ثقافية واقتصادية وسياسية، ترتبط مصالحها تلقائياً، فتصبح بين عشية وضحاها مصدر التشريع والتقنين، فيبزغ فجر دين جديد لا يتعدى كونه "ليبرالية السوق" .
- الليبرالية العربية لا تطرح بديلاً لتفكك الكيانات الكبرى الإسلامية أو القومية العربية. فهي تكتفي بالتنظير في قضايا تتعلق بالحريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تختزل الوجود وتغقل السياق التاريخي المعاصر، الذي يحتم على الدول القطرية التأطر ضمن كياتات كبرى سياسية و\أو اقتصادية، تضع هذه الدول في واجهة التحدي السياسي والاقتصادي في ظل عولمة، لا حيز فيها لصغيرٍ ساذجٍ.
- من الملفت محاولتهم اقناعنا والرأي العام، بتناقض المصلحة القطرية للدول من حيث التقدم الاقتصادي والثقافي والسياسي، وبين الدعوة لوحدة كيانية عالمية، تسعى لنظام متكامل اقتصادياً وثقافياً وسياسياً.. يكون فيه حيز للجميع تحت مظلة الهوية الإسلامية.
ملخص القول !
إنّ الهوية التي تسعى إليها الليبرالية العربية، ما ظهر منها وما بطن، هي هوية تتوافق مع مصالحهم السياسية والثقافية، وغالباً ما تنسجم مع الأنظمة العربية الحاكمة، وما يقف أمامها لتحقيقها وتسويقها نخبوياً وشعبوياً، هو نقيضها، أي هوية الأمة وتكريسها عقائدياً وتشريعياً وثقافياً. والآخرى قد تجاوزت، نوعاً ما، مرحلة التمحور حول ذاتها، وارتباكها وخوفها من ذاتها والآخر. ولكنّها بحاجة لتطوير أجندات اقتصادية وسياسية وثقافية، لربط هويتها الذاتية مع مصالح الناس اليومية والاستراتيجية.. وفتح هويتها للحوار الداخلي البناء، ثقة منها برصانة هذه الهوية ورسوخها في نفوس وقلوب أبناءها.. وانفتاحها على الإنسانية، وحسها المرهف بهمومها الأخلاقية والسياسية والاقتصادية…
هكذا تُمكن الرموز والشعارات والمشاريع... وإلا سقطت وتهافتت .. حتى يأذن الله بأمر آخر
----------------------