العدوان الفلسطيني الغاشم على الإسرائيلين !!!
بقلم أسامة عباس
تل أبيب- وكالة الأنباء العالمية: القوات البرية الفلسطينية تجتاح الأحياء اليهودية في مدن لواء الجنوب وتحاصر مدينة بئر السبع من الجهات الأربع.. القوات الجوية الفلسطينية تستمر في قصف مواقع المقاومة اليهودية في "كريات جات" منذ أسبوعين، وتستعمل قنابل محرمة دولياً.. ومن جهة آخرى يهرب سكان "أشكلون" تحت الهجوم المكثف لسلاح البحرية المنطلق من ميناء غزة الدولي (1.1.2020).
في زيارة لي لمعقل من معاقل فتح في رام الله والتي حصلت فيها حركة المقاومة الفلسطينية حماس بأغلبية الأصوات في الانتخابات التشريعية السابقة.. صارحني فتحاوي -وقد علته صورة للقائد الراحل ياسر عرفات وآخرى لمحمود عباس أبو مازن- أنّه إذا أجريت انتخابات فلسطينية اليوم فإن حماس ستحصد الأغلبية الساحقة من الأصوات. وسوف تفوز بالرئاسة الفلسطينية. وهذه المصارحة تمت بعد قمة غزة في الدوحة وقبل وقف اطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية. ففي ظل القصف الإسرائيلي المكثف للقطاع.. اعترف لي هذا الفتحاوي أن الاضطهاد السلطوي في الضفة الغربية بلغ حدا لا يطاق.. وقد يتفجر الوضع نتيجة الضغط الأمني في أيّ لحظة.
ادعيت سابقاً أنّ هذه الحرب على غزة استهدفت كسر إرادة المقاومة عند الشعب الفلسطيني.. وذلك بتصفية حركة حماس في القطاع وابعاد الشعب الفلسطيني عن خيارها الاستراتيجي ونزع ثقته بنهجها السياسي وموقفها المبدئي من الصراع. ولتحقيق هذه الغاية كان على آلة الحرب الإسرائيلية أنّ تسخر الاعلام الإسرائيلي والمتأسرل أو المتصهين لتفتيت معنويات الشعب الفلسطيني ومقاومته. فكانت هذه الحرب حرباً نفسية إعلامية في الدرجة الأولى.
فليس عبثاً أننا نجد الاعلام الإسرائيلي حتى اليوم يفتخر بمقومات القوات الإسرائيلية.. وهمه الوحيد إجراء المقابلات الاعلامية مع أبطاله العائدين من أرض المعركة وخاصة من سلاح الطيران. فهذا الطيار الذي عُرض كمثقف يدرس الفلسفة، يقرأ للفيلسوف الألماني عمانوئيل كانط ويستعد للمهمة ليلاً والتي سيسقط فيها نساءً وأطفالاً قتلى وجرحى. والأمر لا يزعج ضميره الفلسفي.. ولا يفكر بذلك وهو في طريقه للمهمة! بل همّه الوحيد كيف ينجزها على أتم وجه. وبالمقابل يصمم قادة إسرائيل في خطابهم الاعلامي على أن الجيش الإسرائيلي هو جيش أخلاقي. ولعل المراقب للحرب على غزة يسأل ضميره ما الخطاب الاعلامي الإسرائيلي المتوقع في سياق الخبر الذي سقناه في عام 2020 ؟!! بعد أنّ يبلغ أطفال غزة 2009 ويعتلوا الصف الأول والثاني من المقاومة المسلحة.!
ولعل هذا الخبر يعيدنا إلى قوة حماس المتعاظمة بين صفوف الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية بل في رام الله ذاتها! بعد أن اعتقدت إسرائيل أن حربها وحصارها على غزة سيضعف حماس ويسلخها عن قاعدتها الشعبية. . والحقيقة أنّ الأمور سائرة عكس رغباتهم وأهدافهم! بل إنّ القوى القلسطينية المقاومة التفت حول حماس وقادتها بصورة قل نظيرها.
وإن التطور الذي يحسب لصالح حركة حماس أنّها استمتعت بحيز سياسي ودبلوماسي في قمة غزة في الدوحة.. مع تهميش ما يسمى بالسلطة الفلسطينية وقيادات أوسلو وخط التسوية.. نتيجة سلوكهم وموقفهم السياسي المتخاذل. وقد علق الفتحاوي هناك في رام الله.. أنّ هذا الموقف من قمة الدوحة.. لا يعكس إلا انحراف قيادة التسوية عن تطلعات الشعب الفلسطيني وخياراته السياسية.
رغم العدوان المدمر لمقومات قطاع غزة المدنية من مساجد وجامعات ومدراس ومؤسسات.. ورغم الخسائر البشرية من قتلى وجرحى.. إلا أننا نتابع تضامن والتفاف الفصائل والقوى والشعب الفلسطيني حول المقاومة وبالذات حركة حماس. وهذه الحقيقة وحدها كافية لتفتيت الاعلام الإسرائيلي ونقض ادعاءات المؤسسة الإسرائيلية السياسية والعسكرية حول تحقيق أهداف الحرب على غزة.
في مواجهاتي السياسية مع إسرائيلين.. ومحاولتي كشف زيف اعلامهم وحقيقة تشويه وعيهم الأخلاقي والسياسي من قبل قادتهم، تصدمهم حقيقة انتصار المقاومة في غزة. وادراكهم بفشل الحرب- لمجرد عدم تحقيق أهدافها- توقفهم متجردين أمام أزمتهم الوجودية على أرض فلسطين. وعمق أزمتهم تتجلى في نفسيتهم المهزومة وإن تخفت وراء ترسانتهم العسكرية.. هي نفسية الإسرائيلي الذي يقبع في سياق الخبر عام 2020، وهو يتعرض للاجتياح والقصف المدمر من البحر والجو والبر. فهل يستبق الإسرائيلي القدر قبل أن تتحول هذه النفسية لواقع مأساوي.
لقد تغير العالم بعد عدوان غزة.. وسوف نلاحظ عاجلاً تفتت الخطاب الاعلامي والسياسي الإسرائيلي.. فالانتخابات القريبة ستسرع من تهافته.. لكن المسألة أعمق من حسابات انتخابية. بل هي سلسلة جديدة من أزمة الوجود .. تجلت في لحظة تراجيدية بعد جدال طويل وعميق بيني وبين أحدهم.. عندما سألني: هل ستلقونا في البحر؟!! فأجبته لست معنياً بطمأنتك على مصيرك!! فهي مسؤوليتك الأخلاقية والسياسية لتمنع مستقبلاً العدوان الفلسطيني الغاشم على الشعب الإسرائيلي في مدنه وبلداته الآمنة.
القدس 22\1\2009